الفن التشكيلي على الإنترنت

2001/06/26
أحمد زين


للرسام سلمان الحجري

الأمسيات الباردة.. والملابس الفخمة والهدوء المسيطر والابتسامات والورود والإضاءة الخافتة.. ربما تكون هذه هي مفردات معارض الفن التشكيلي في عالمنا على امتداده واتساعه مهما تغير مكان هذه المعارض على الخريطة.. مع بعض الاختلافات الصغيرة هنا وهناك، ويبدو أن الأمر على شبكة الإنترنت لا يختلف كثيرا.

ففي جولة لنا في أشهر المواقع العربية التي تقدم معارض الفن التشكيلي العربية.. فوجئنا بنوع من الهدوء يخيم على الأجواء.

في البدء لاحظنا أن هذه المواقع يغلب عليها الطابع الشخصي، أي قام بها الفنانون بأنفسهم لعرض لوحاتهم وأعمالهم الفنية ولم ينظمها موقع ولم تتبناها أي جهة وتحاول تطويرها..

معارض إلكترونية

ومنها موقع الفنان "قصي العوامي" وعمره 30 عاما وهو مهندس معماري، وهو موضع مستضاف على موقع أجنبي، وهو ما يجعله محدود المساحة، وللشبكة الحق في سحب تلك المساحة وقتما تشاء.

وقصي يعرف بأنه سعودي من الدمام، ويهوى الفن التشكيلي والخط العربي، وشارك على مستوى الاحتراف في عدة معارض، وفاز بجوائز عديدة، أهمها في رأيه إشادات الجمهور بهذه الأعمال، ويعرض لوحاته التي يغلب عليها استخدام الزيت، كما تميل إلى استخدام الرموز الشعبية، كما أنه يميل إلى الألوان الباردة في أعماله…

أما سلمان الحجري فهو عماني لا يزال طالبا في كلية التربية الفنية عمره 22 عاما، لوحاته مميزة جدا، وقد وضعها في أربعة أقسام: معرض الألوان الزيتية، والألوان المائية، والأعمال القديمة، والبورتريهات.. ومن خلال التجوال في معارضه الأربعة نجد أننا بصدد فنان حقيقي تحمل لوحاته عمقا ورؤية فنية، وهو أميل إلى الرومانسية في موضوعات أعماله فهو يأخذ من الطبيعة مجاله الأول الشجر والزهور والريف والبحر والحصان، وتعد القلاع العامية هي أحد أبرز العناصر التي يستخدمها… كما أنه على مستوى الخطوط والألوان يمكن أن نعده كلاسيكيًّا كذلك، ويظهر هذا الأمر في عدم وجود أي عمل له في إطار التجريد مثلا أو السريالية وغير ذلك من مدارس متنوعة.

واحتوى موقعه كذلك على عدد من المقالات في الفن، ومنها مقال في الفن ومقال تاريخ الفن التشكيلي بسلطنة عمان.

أما عدنان معيتيق فهو فنان ليبي عمره 33 عاما، ويبدو أن الفنانين الليبيين نشطاء على الشبكة العربية، فهم أكثر من استخدم على الإنترنت من الفنانين التشكيليين العرب في عرض أعمالهم وطرح رؤاهم الفنية.

يبدأ موقعه وعلى صفحته الرئيسية بجملة: "ليس هنا معنى محدد في أعمالي، بل هي محاولة لاسترجاع اللحظات البكر.. لحظات الدهشة عندما تنكشف الأشياء لأول مرة..".

وعلى هذا المنوال من الدهشة وإثارة التساؤلات يسير عدنان، فمعظم لوحاته سريالية وتجريدية إلى أبعد مدى وربما يدور معظمها حول الاستكشاف الذي عرف به نفسه، بل تخصص كثيرا وركز على استكشاف الجسد.

أما معرض الفنان "إدريس فاغوري"؛ فقد تميز عن المعارض الأخرى بتلافي أحد الأخطاء التي وقع فيها الآخرون.

فقد تركوا لوحاتهم دون عنوان ودون ذكر لمقاسات اللوحات والخامات المستخدمة، لكن إدريس اجتهد في كتابة العناوين حتى مكان العرض ذكره.

إلا أنه أغفل تعريفنا بشخصه أو أعماله، ولكنه بالمقابل اهتم بإبراز رؤيته فقال:

ýأترى الفراشة تجمع جناحيها وتبسطها، وهي تنتقل ‏الهوينى بين زهرة وزهرة، يلتصق بها من الطلع ما ‏شاء ربك، فيلتصق بعضه على هذه وآخر من هذه على ‏تلك، أتدرك أنها ترسم بتنقلها هذا لوحة سخرها الله ‏لها، أترى كمال صنع الخالق في ألوانه وزخرفة ‏الصانع البديع.

تأمل وتخيل


من جمعية الإمارات
خليل عبد الواحد

هل رأيت شلال النور المنسكب على رذاذ المطر ‏الربيعي الناعم؟ أترى تألف تلك الذرات وانتشارها في ‏الهواء كيف تتداخل وتتحلل ألوان الضوء فيها فيبهرك ‏جمال التحليل في ألوان قوس قزح، ‏وما هذه الحياة إلا ألوان أبدعها الخالق سبحانه في هذا ‏الكون العظيم، وسطر فيها سبحانه لوحات لينعم بها على ‏الثقلين الإنس والجن!

وفي أيقونة خاصة بعنوان "الحوار الآلي" ظهر استطلاع للزوار يسألهم: "بعد مشاهدتك لأعمالي، أي المدارس التشكيلية أعجبتك: التجريدية أم التكعيبية أم..؟ وذلك دون تعريف للزائر بهذه المدارس، أو إلى أي مدرسة تنتمي لوحاته تلك، وبالنسبة لدفتر الزوار فإنه لم يحمل شيئا جديدا فإما إشادة وإطراء، وإما قدح ونقد لاذع.. وهو ما يعكس الحالة العربية المدهشة في كثير من الأحيان إزاء تعاملنا مع الأمور بحدة وقطع في الأحكام..

وفي معرض الفنان الليبي مصباح الكبير 43 عاما تناول أيقونة بعنوان "لست وحدك"، وهي تفتح على موقع عدنان معيتيق، ومن خلال جولتنا اكتشفنا ثمة رابطة فنية تجمع مصباح ومعيتيق وفنانا ليبيا ثالثا اسمه عادل المصراتي، فهم من مدينة مصراتة الليبية.

أما في سجل الزوار الخاص بمصباح فقد فوجئنا بطرفة أرسلتها فتاة اسمها "ناينس" تقول له: إذا كنت تريد وظيفة فأرسل إلى مؤسسة كذا، وفاجأنا الموقع كذلك بعدم احتوائه على عنوان البريد الإلكتروني للفنان، وهذا من العجائب في عالم الإنترنت الذي يفترض أن يسعى من خلاله الإنسان إلى التواصل مع الآخرين.

وبعيدا عن المواقع الشخصية وجدنا معرضا لفناني القطيف بالسعودية، ورغم أن هذا المعرض أقيم واقعيا منذ عام 1420هـ فإنه ما يزال يحوي معروضاته على النت ويعرضها. وهذه أهم ميزات الإنترنت الحقيقية، وهي إمكانية استمرار المواد المختلفة بعد انتهاء مناسبات إقامتها بسنين عديدة، وبالموقع أكثر من 16 فنانا سعوديا يعرضون أعمالهم.

وفي موقع الفنان السعودي "زمان محمد جاسم" نجد بعضا للوحات الزيتية والمائية، بالإضافة إلى قراءة لأعماله من قبل نقاد مختلفين، بالإضافة لمعرض للتصوير الفوتوغرافي للفنان نفسه.

ويعد موقع مجلة التشكيلي أحد المواقع المميزة في هذا المجال، وبها ركن خاص للتشكيليين العرب يتيح من خلاله عرض أعمالهم، ومنهم: "صفوان الأيوبي" و"عيسي صقر" من الكويت، و"عبد الله الشيخ" من السعودية، ود. أحمد معلا من سوريا.

وللحق فإن للموقع دورا هاما في نشر الثقافة التشكيلية بين جمهور الإنترنت العرب؛ حيث يعرض بعض المتاحف العالمية للتعريف بها وبمقتنياتها الثرية، كما يعرض كتبا متخصصة في هذا المجال، ويحاول التعريف بكبار الفنانين العالميين، مثل: بيكاسو، وديلاكروا، ورامبرنت، ويثير العديد من قضايا الفن التشكيلي.

تمتاز معظم هذه المواقع بظهور الأعمال واضحة مع إمكانية تكبيرها، كما تتيح للفنان أن يتعرف على رأي الجمهور ورصد انطباعاتهم عن طريق مباشر يفتقده الفن في واقعنا الحقيقي، ويتميز به الفن على الإنترنت.

ومع إدراك البعض لأهمية الإنترنت في نشر الفن التشكيلي العربي وتعريف العالم كله به، كانت بعض المواقع موفقة في استخدام لغات أخرى غير العربية للتحاور مع الزوار وخطابهم، كالإنجليزية التي استخدمها موقع جمعية الإمارات للفنون التشكيلية التي عرضت أعمال فنانيها وآخر أخبارهم وصورا لأعضائها، وكيفية اكتساب عضوية هذه الجمعية.. ولا شك أن تلك الأساليب تساعد على نشر الفن العربي الذي ما يزال ضعيفا مشتتا مقارنة بالجهود الأخرى.

وأخيرًا فإن أغنى المواقع التشكيلية بلا منازع كان موقع الأخوين الفلسطينيين إسماعيل وتمام شموط اللذين طردا مع نكبة 1948، وحضرا إلى القاهرة مع آل شموط، وأمكنهما دراسة الفن، وارتحلا إلى روما لإكمال دراستهما، وقد امتلأت لوحاتهما بتداعيات العذاب الفلسطيني، وكان هذا مصدر الثراء في أعمالهما.

_______
* المصدر : إسلام أون لاين ، ثقافة وفن تشكيلي 2001/06/26